تتّهم حركة «حماس» العدو بالإخلال بالتزاماته خصوصاً في ما يتعلّق بالمساعدات الإنسانية (أ ف ب)
الأخبار
الثلاثاء 11 شباط 2025
ردّت حركة «حماس» على تملّص الاحتلال من تعهّداته وفق اتفاق وقف إطلاق النار، بإعلانها - أمس - تأجيل إطلاق سراح الدفعة المقبلة من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، والتي كان من المقرّر الإفراج عنها السبت المقبل. وجاء ذلك في وقت كانت تستعد فيه إسرائيل للإعلان عن شروطها للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي وُصفت بأنها «تعجيزية»، وتهدف في حقيقتها إلى إفشال هذا الانتقال، والإبقاء على المرحلة الأولى أطول فترة ممكنة لاستعادة أكبر عدد من الأسرى الإسرائيليين الأحياء.
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية كشفت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يخطّط لعرض مطالب حكومته بشأن المرحلة الثانية خلال اجتماع «الكابينت» المقرّر اليوم. ووفقاً لتقديرات إسرائيلية، فإن حركة «حماس» لن تقبل بتلك المطالب، التي تتضمّن «إبعاد قيادتها من غزة، وتفكيك جناحها العسكري (كتائب القسّام)، ونزع سلاحه، إضافة إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين».
وأعلن الناطق باسم «كتائب القسّام»، أبو عبيدة، مساء أمس، أن «تأجيل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين جاء بسبب عدم التزام الاحتلال ببنود الاتفاق، وتأخيره تنفيذ استحقاقات الأسابيع الماضية»، مضيفاً أن «الاحتلال خرق الاتفاق عبر عرقلة عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهدافهم بالقصف وإطلاق النار، إلى جانب منعه إدخال المساعدات الإغاثية بكل أشكالها، رغم التزام المقاومة بكل ما عليها من تعهّدات». وأكّد أبو عبيدة أن «تسليم الأسرى الصهاينة سيتأجّل حتى إشعار آخر، وإلى حين التزام الاحتلال وتعويض استحقاقات الأسابيع الماضية بأثر رجعي»، مع التشديد على أن «المقاومة ستبقى ملتزمة بالاتفاق طالما التزم به الاحتلال».
وفي المقابل، أكّد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن «إسرائيل تصرّ على الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار كما هو مكتوب»، وأنها «ستتعامل بجدّية مع أي خرق للاتفاق». كما عقد نتنياهو مشاورات أمنية طارئة بحضور وزراء الحرب والخارجية والمالية، وعضو «الكنيست» أرييه درعي، إضافة إلى رئيسَي الأركان الحالي والمعيّن، في محاولة لتقييم الموقف والتعامل مع تداعياته. ومن جهته، صعّد وزير الحرب، يسرائيل كاتس، من موقفه، معتبراً أن إعلان «حماس» «يمثّل خرقاً كاملاً لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل»، مشيراً إلى أنه «أصدر تعليمات إلى الجيش بالاستعداد بأقصى درجات التأهّب لأي سيناريو محتمل في غزة، وضرورة تعزيز الدفاع عن المستوطنات الإسرائيلية». وفي إطار هذه الاستعدادات، كشفت تقارير إسرائيلية أن «القيادة الجنوبية للجيش ألغت إجازات الجنود تحسّباً لاحتمال انهيار الاتفاق واستئناف القتال».
تهدّد إسرائيل بالتصعيد العسكري رداً على إعلان «حماس» وسط جهود الوسطاء لمنع انهيار الاتفاق
كذلك، دعا وزير الأمن القومي المستقيل، إيتمار بن غفير، إلى ردّ عسكري فوري، مطالباً بشنّ «هجوم ناري واسع من الجوّ والبر، ووقف جميع أشكال المساعدات لغزة».
وبعد «الصدمة» التي خلّفها إعلان «القسّام»، أوضحت حركة «حماس» أن قرار تأجيل الإفراج عن الأسرى جاء بمثابة «رسالة تحذيرية» إلى الاحتلال، وذلك بهدف الضغط عليه ودفعه إلى الالتزام الدقيق ببنود الاتفاق، مشيرةً إلى أن «التأجيل قبل خمسة أيام من موعد التسليم يمنح الوسطاء فرصة للضغط على إسرائيل وإجبارها على تنفيذ التزاماتها، مع إبقاء الباب مفتوحاً لتنفيذ عملية التبادل في موعدها إذا استجابت تل أبيب».
وفي المقابل، نقلت «القناة 12» الإسرائيلية عن أعضاء في الوفد الإسرائيلي المفاوض، والذي عاد من الدوحة صباح أمس، اتهامهم «حماس» بالإخلال بالصفقة، وتحذيرهم من أن «موقفها قد يؤدّي إلى التصعيد ويعرّض استمرار الاتفاق للخطر». كذلك، نقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «قرار حماس بتأجيل الإفراج عن الأسرى ربما يكون رداً على خطة ترامب للاستيلاء على غزة»، مضيفاً أن «الحركة تشكّ في أن نتنياهو لديه نيّة حقيقية للتفاوض بجدية بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق».
وفي الاتجاه نفسه، أشارت قناة «كان» العبرية إلى أن «حماس تدقّ أجراس الإنذار في محاولة للضغط على إسرائيل لتغيير موقفها»، لافتة إلى أن «المحادثات مع الحركة جرت (الأحد) فقط عبر الوسيط القطري، في محاولة فاشلة لتجنّب الأزمة». كما أعربت مصادر في الدول الوسيطة، للقناة نفسها، عن «غضبها» إزاء تأجيل إسرائيل المفاوضات بشأن المرحلة الثانية، لكنها لم تستبعد أن «تحصل حركة حماس على ما تريده خلال الأيام القليلة القادمة».
وعلى رغم هذه الأزمة، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «الاتفاق لم يصل بعد إلى مرحلة الانهيار»، وإن هناك «وقتاً كافياً» لحل الأزمة قبل السبت. واعتبر المصدر أن بيان «حماس» ليس أكثر من «ضغط نفسي لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة»، مشيراً إلى أن «فرق التفاوض تعمل على معالجة التحديات التي وضعتها حماس، في محاولة لضمان استمرار تنفيذ الاتفاق». أما قناة «كان»، فقد ذكرت أن «إسرائيل تسعى إلى تهدئة الأوضاع بعد إعلان حماس، رغم اعترافها بوجود أزمة، لكنها أزمة يمكن حلّها»، وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، حيث يتوقّع المسؤولون التوصّل إلى حلّ بحلول يوم السبت. ووفق القناة، فإن «القضية الجوهرية حالياً هي مسألة المساعدات الإنسانية، والتي يُتوقّع أن تتمّ معالجتها خلال الأيام القليلة المقبلة».